Friday, December 26, 2008

سدرا-
" ‎ ‎تنجذب للذئاب اليمامات البيضاء و تحوم حول رأسها"
بعض الأماكن تتشابه. تخطو من حارات خان الخليلي لتتجه لساحة مسجد الحسين. تتذكر خطواتها و هي صغيرة في شوارع ضيقة متفرعة من الميدان العجوز بلاثا مايور في وسط مدريد القديمة المتميز بأسراب الحمام و اليمام الذي إعتادت و هي في الرابعة من عمرها إطعامه بفتات الخبز. الصورة مازالت حية. سيدات في منتصف العمر يتراشقن بالشتائم من الشرفات المعلق بها غسيل. مياه تغرق الشارع برائحة المنظفات. الإيماءات الصوتية للباعة الجائلين واحدة و إن إختلفت اللغة. تبتسم لبائع الخان الذي يحدثها بإسبانية مكسورة لإعتقاده إنها غجرية لاتينية. لا تنكر العرق الغجري و لكنه مصري. تنساب روحها و تسكن في مكان سحري عندما تأتيها أصوات الحب من داخل المسجد مختلطة برائحة بخور المسك. تجلس علي الرصيف المقابل. تفكر أن ما ينقص المكان هو سرب يمامات حول المئذنة.
دنيا
"الرقص بهجة الروح"
تخرج دنيا من داخل معبد الأقصر كل مرة في حالة نشوة عندما تتلمس بأناملها صور الراقصات علي جدران المعبد. تشعر بإنها استدعت المتصوفة داخلها. تلك التي تختنق من الزحام القاهري فتستكين في مكان ما بجوار الروح حتي تأتيها الفرصة. تؤنب دنيا نفسها بأن تلك المتعبدة ترفرف عندما تزور مسجد الحسين. تتملكها رغبة برية بالرقص. من كثرة ما سيطرت علي تلك الرغبة أصبحت تبكي من الألم الذي يسيطر علي جسدها عندما تكون هناك. بعدما إبتاعت السوار الفضي العريض، الخرزة الزرقاء، و رسمت بالحناء علي كفوفها الخمرية. خرجت مسرعة دون أن تلتفت للمأذنة. عادت الألام من جديد. اليوم إتخذت قرارها.أمام مسجد الحسين في وسط النجيلة الخضراء تمايلت بخفة و هي ترفع كفوفها إلي سماء مخملية متجاهلة كل العيون. فقط تتجه عيناها علي سحابة بيضاء تنقش ملامح وجهها علي الخلفية الزرقاء

شريف و نور
"العناق صلاة الحب"صباح كل أربعاء. إعتادا الجلوس علي الدكة الخشبية المغطاة بكليم أحمر في قهوة الفيشاوي. تطلب عصير المانجة في الصيف و القرفة بالحليب في الشتاء. الشاي الأخضر له في أي وقت. بعدها يذهبان لصديقهما بائع الزجاج البلدي. يشتريان كل ما تريده نور. يبتسم شريف و ينظر لها بعينان سوداوان تعكسان شغفا بتلك المجنونة. يمران من شارع الصاغة ثم جوهر الصقلي حتي يصلان إلي الساحة. تضع نور الأكياس علي الأرض. تشب علي قدميها و تعانقه بقوة. يشعر بإحراج خفيف من نظرات الناس. سوف تظل نور تتسأل و تفكر أن هذه بيوت الله. بيوت الحب. لماذا طردوها عندما إحتضنت شريف أمام المقام داخل المسجد

Tannoura

An English Poetry Collection

Samar Ali

Malamih Publishing House

Sunday, November 16, 2008

هي ملكة الأحلام. تعشق فارسها الغائب عن عينيها الحائرتين. ترتاح لصوت الموج عندما يحتضن الشاطئ الرملي بحبيباته التي تحمل حكايا دفء اللمسات و مرارة الوداعات الحتمية.
`
تفرغ حقيبتها السوداء علي السرير المفروش بقماشة مخملية بلون السماء وقت شروق شمس شتوية. تفوح من الغرفة الخشبية رائحة رطبة. تضع جسدها المنهك تحت الدش بعدما تغرق نفسها بشامبو عطري. تنظر في المرآة و تتمعن في ثناياها الخمرية العطشة.

ترتدي الروب الحريري و تخرج إلي الشرفة. تستند بذراعيها علي السور الأسمنتي. تغمض عينيها، تفتح الروب لتدع النسمات البحرية تداعب جسدها العاري. تستمتع باللسعة الباردة المحملة بالبركات علي إنحناءتها الوردية.

قشعريرة تتمكن من ذكرياتها.

"ريحة القهوة في تريانون دي زيك"

تبتسم، فذكري صوته تملأ المكان بإشتياق جامح إلي تلك المساحة بين ذراعيه.

مرت خمس سنوات. فضل البعد عن حياتها الناعمة تارة و الزاعقة تارة أخري. تنسال دموعها كأن الجرح مايزال طازج.

"هنساه و أحب تاني"

قرارات كاذبة رسمتها و هي تبكي علي كتف صديقتها آنذاك.

تشهق عندما يصل بعض من الرذاذ المالح إلي رقبتها. تلتفت بعينيها المحمرتين إلي داخل غرفتها. تلف الكاش مايوه حول خصرها.


. تراه من الشرفة، لا يشبهه و لكن تحمل قسماته نفس حبه للبحر. تراقبه. مائل للطول بجسد مشدود و سمرة محببة.

يرفع رأسه إلي شرفتها و يبتسم.

تتوه في غيمة قبلة تأخذها إلي عالم تتوحد فيه أنفاسهما فلا تدري هل مازالت تتنفس هواء البشر أم تعيش علي نفحات من داخل صدره.

تسرع علي السلم لتصل إلي الشاطئ. تتلفت باحثة عنه.

ذاب في زحام سكندري. بخطوات بطيئة تذوب في الملح الأزرق


ومضة.

Saturday, October 25, 2008

"أنا. غابة واسعة .نور شمس يلمس وجهي.سكون يحتضن الهواء. خيالك يبحث عن دفء.يتلمس الطريق. يستند علي كتفي ."

تنبثق من عيناه رائحة زهر الليمون. تملئ حواسها بإشتياق لأحاديثهم الطويلة. لا تعلم اذا كانت مازالت تحبه أم وجوده في بعض الأحيان يلون المساحة الخالية داخل صدرها. يخنقها تردده و تواسيها سماحة لفتاته.


"الآن، تمضي معي. أقتسم معك خبزي. فتميل علي رقبتي تقبلها. أصوات طيور جارحة تملأ كياني. فلمستك خافتة."

كان يعلو صوت دموعها في شرفة منزلها عندما تطمئن أن لا أحد مستيقظ. تشعر بطاقة ما سوف تكسر أضلعها و تنطلق إما نورا أو ظلاما دامسا.
“عليكي كبر" ترددت جملة صديقتها في هواء ليل قاهري يختنق. حتي هي في بعض الأحيان يتوه منها وعي اللحظة.


"وجوه شاحبة ساخرة تشير إليك بأصابع طويلة بلا عقل. أصر علي إكمال الطريق. نسير إلي منحني ضبابي لا أشعر بخشونة الأرض تحت قدمي أهلع ثم تطمئني بنظرة صاخبة"

كل ليلة تسمع صوتا يمليها كلمات و عبارات. تنقشها علي جلدها. لا يعلم الكثيرون أن الحدة التي تسيطر علي قسماتها الخمرية وسيلة دفاعها في حماية أحزانها من نبش الغرباء.


"تنتهي خطواتنا في زقاق معتم ذو رائحة عطنة، ترتفع قدماي عن الأرض فألمس سماء وردية و نهر يجري بين ذراعي. أسمع صوتك بعيدا يتهجئ حروف اسم إمرأة أخري."

الأحزان. تعلمت أن الرمادي هو سيد المواقف. تعتز بعثراتها كأنها تعويذة فرعونية. تعلم أن جعبة الأوجاع لايزال بها أجنة. متسلحة بشموع زرقاء، دفئ حضوره الأبدي و حفنة بخور .


خريف مبكر

Wednesday, October 08, 2008

1
عندما تشعر أن الوحدة تسيطر علي أحلامها الليلية. تختنق من رائحة هواء تعودت أن تتنفسه وحدها. تفقد الإحساس بأن الغد قد يحمل لها ورودا و فجرا يحمل أمطار. تضيق روحها -التي تشتاق لحضن برائحة البحر- فترتدي تنورتها القصيرة بلون النبيذ الأحمر و جوربها الفيليه الأسود. تترك العنان لشعرها المموج. تدخل إلي القاعة. تبتسم. تأخذ مكانها المعتاد علي الأرض في انتظار دورها.


2
يعلو صوت موسيقي التانجو علي هماستهم. يلتفون في دائرة حول المدربة التي تبدأ الرقصة الجنوبية بأن تضرب بحسم و خفة علي فخذيها لتضبط إيقاع الأجساد. تشير إلي كل راقص بدوره. يأتي دورها فتنهض و في عينيها نظرة تحمل بقايا حب.
علي الإيقاع الساخن تلف و تدور حتي يتلقفها أحد الراقصين بين ذراعيه. تلتفت. يضع كفيه علي خصرها. ينظر في عمق عينيها البنية. تضع كفا علي صدره و كفا علي رقبته. تسند جبهتها علي مقدمة رأسه. يلتصق جسدهما. و يغرقان في الموج اللاتيني.

3

يمتطيان صوت الطبول الممتزجة مع الكمان. يجوبان أنحاء الغرفة في سرعة و رشاقة. تمد يدها اليسري فتلمس جسد الراقصة الأخري. لتنبه هذا الكوبل لبدأ الرقصة الجماعية. تختلط رائحة الأجساد مع صوت أنفاسهم المنهكة. يبدأ التوقف التدريجي للموسيقي. يبتعد الراقصون عن الراقصات. تقترب هي من زميلها تضع يدها علي عضلات بطنه المشدودة و تقص قطعة من قميصه المشرب بالعرق. تضحك و ترفع حاجبيها في دلال. ينظر إلي قميصه الأحمر مشدوها

.
4
تصل إلي منزلها. يسيطر عليها إنهاك مختلط بخدر تعشقه. تغفو في مغطسها الممتلئ بمياه باردة معطرة بزيت ياسمين هاواي. تمد يدها و تشد إليها سلة مليئة بقصاقيص قماش. تضيف إليهم القطعة الحمراء. تقرر أن تخيط منهم فستان جديد للرقص
.

Wednesday, September 03, 2008

إبتهالة ناعمة

(1)
تعشقه- هي- لدرجة الزهد. تتلمس طريقا معرجا تجاه روح تعلم جيدا انها تحلق في سماء تحت سمائها.ولذلك تقاوم رغبة عنيدة في احتضانه بين ذراعيها الواعيتين و رفعه الي زرقتها الرحبة. فهو قد يموت إن تنفس هوائها الذي يحمل رائحة الصندل.
تري الدفء في عينين تحملان تردد العالم كله. تحاول ان تستطنق ما يبعثه إليها من خلال نظرات حانية لوجهها. ترغب في سماع الكلمة منه معطرة بأمل انتعاش عقله في محرابها.

(2)
يحلم بأن يمسد شعرها البني كل ليلة. فيهدأ عقلها الذي لا يتوقف لحظة. و تسترخي روحها علي صدره. فتستسلم لنوبة عشق صغيرة. عندها سيحكم سيطرة قبضته عليها و سيبدأ في قص الزيادات من قماش روحها. فجموح عيناها يرعبه من مصير قد يدمي دنيته الرمادية.
(3)
تنام علي سريرها. تشعل شمعة برائحة التفاح الأخضر. تضع خاتمها الفضي تحت رأسها. تفتح مجساتها و تغلق عيناها.
(4)
يدخل إلي غرفته بعد أن يقبل والدته.يطفئ النور و يقرأ رسالة قصيرة وصلته نهارا منها " قبل ما تنام، إنده عليا في سرك و غمض" ينفذ كلماتها و يستسلم لخدر الأرهاق

(5)
يلتقيان في واد سرمدي. تراه‎
يرتدي ثوبا تتغير ألوانه مع كل إلتفاتة. ترتدي ثوبا بنفسجيا من الحرير الشفاف. يقترب منها و يتلمس تفاصيل وجهها بشوق فتمد أصابعها لتغمض عيناه " كده هتشوفني أحسن"يرتبك و تفقد بوصلة لمساته الدفء. تقترب منه و تلف ذراعيها حول رقبته فيضع رأسه علي صدرها. تشعر بأنفاسه تذوي و جسده يذوب. يبتعد بعد ان يقبل كفيها. تصحو من نومتها علي نسيم بارد برائحة الصندل يقبل شفتيها. فترضي و تبتسم مستقبلة هلال جديد في ليلها

Tuesday, August 19, 2008

مقدمات خريفيه
حشرجة خفيفة في صدرها. برودة كئيبة في هواء سبتمبر.رائحة جوافة بناتي تملأ أركان المنزل.فاكهة مسيطرة! تفرض رائحتها و طعمها علي كل شئ بدأ من الجبنة البيضاء التي تعشقها إنتهاء بزجاجات المياه في الثلاجة.
" حطي حتة فحم في التلاجة هتشيل الريحة"
تدخل الرائحة عبر فتحات أنفها لتصل إلي أبواب ذاكرتها فتلقي بها في موجة عالية من الصور المتلاحقة و الأصوات الصاخبة
صوت القرآن يختلط مع خطوات عالية تتجه نحو فصول الدراسة الثانوية
تحية العلم بصوت أجش و إنذار من وكيلة المدرسة لها لتحدُثها بالعربية بدلا من الأنجليزية
لمسة خفيفة علي كتفها لتنتبه لوجوده خلفها. تنظر إليه فينتقل إشتياق شهور الأجازة إلي إبتسامة.تعطيه نصف ثمرة جوافة ليأكلاها سويا. يجلسان علي دكة خشبية خضراء. يأخذ قضمة صغيرة فتشرق عيناه السودوان بإحساس عذري لا يدري كنهه. ثم يميل بوجهه ناحيتها.
خصلات بيضاء ظهرت في مقدمة رأسها برغم من سنوات عمرها التي لا تتعدي الثلاثين. تسلم جفناها لغفوة حلم نهاري. تمر بلسانها علي شفتها السفلي. لازالت تشعر بطعم الجوافة.
" لا مش عايزة فحم"

Sunday, July 27, 2008

ظلام هامس
!! أقضي إجازتي الصيفية في هذا النشاط.. أكاد أسقط من شدة الإجهاد.. شعري أشعث و لم أرغب هذا الصباح في أي أناقة
"صباح الخير...إنهاردة زي كل يوم"
ستمر الأيام سريعة و سينسوا صوت مللي
---------------------------------------------------------------------
أشعر أن هالتها باهتة هذا الصباح، نبرة حروفها مرتعشة، ليست لها تلك الرنة التي تشجي روحي.‎مثل كل يوم تضع أمامنا مجموعة من التماثيل المختلفة. تطلب مننا أن نتحسس تلك الوجوه الحجرية بأطراف أصابعنا.
-----------------------------------------------------------------------
أجزع عندما أجد إحساس التعاطف يضعف داخل قلبي يوما بعد يوم. يضيق صدري عندما أحاول أن أشرح ماهية الألوان. كيف لي أن أشرحها لنفس الوجوه : فم نصف مفتوح، عيون بلا تعبير محدد، و رأس تميل جهة اليمين.
------------------------------------------------------------------------
ما يريح خيالي قليلا أن رائحتها مازالت كما هي، رائحة زهرة ذقن الباشا عندما تعانق دفء مارس.
" ركزوا، كل واحد فيكو هيعمل تمثال ذي اللي تحت إيدوا بالظبط"
أشعر بإستقامة الأنف تحت أصابعي، جبهة ضيقة و شفاه ممتلئة. كأنه تمثال لألهة. لكنني لا ألتقط أي ذبذبات ألفة من تلك التعبيرات الصماء.
-----------------------------------------------------------------------
أوزع اليوم عليهم قطع من الطين الصلصال. للمرة الأخيرة أحاول أن أرسم في عقولهم ..
" البنفسجي،لون اللافندر..."
يشرعون علي الفور في محاولة نحت روح في الصلصال. الأن، من الممكن أن أغفو قليلا.
---------------------------------------------------------------------------------------
أطلب منها أن تساعدني في تعديل وضع الكرسي. أسترق السمع إلي صوت خطواتها . صوت كعب أنثوي يلمس الأرض بكل خفة. تمسك بيدي اليمني ثم تضع قطعة الصلصال أمامي. يحمل رائحة أمطار ربيعية مفاجئة.
---------------------------------------------------------------------------
أعلن نهاية الوقت. قليل من التماثيل التي صنعوها مماثلة. فقط واحدة أو إثنتين تكاد تكون مطابقة للنسخ الأصلية. أصل لأخر تمثال. ليس له أي علاقة بالنسخة الحجرية. هذه الأنف الدقيقة! الشفاه الصغيرة! أهم أن أعصف
عالمه بسيل من كلمات باردة و لكنه همس إلي قائلا " الخمري. بريحة المسك" ألتفت الي التمثال لأجده نسخة مطابقة من وجهي.